فصل: فتوح فارس.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.فتوح فارس.

ولما خرج الأمراء الذين توجهوا إلى فارس من البصرة افترقوا وسار كل أمير إلى جهته وبلغ ذلك أهل فارس فافترقوا إلى بلدانهم وكانت تلك هزيمتهم وشتاتهم وقصد مجاشع بن مسعود من الأمراء سابور وأردشير خرة فاعترضه الفرس دونهما بتوج فقتلهم وأثخن فيهم وافتتح توج واستباحها وصالحهم على الجزية وأرسل بالفتح والأخماس إلى عمر فكانت واقعة توج هذه ثانية لواقعة العلاء بن الحضرمي عليهم أيام طاوس ثم دعوا إلى الجزية فرجعوا وأقروا بها.
اصطخر: وقصد عثمان بن أبي العاص اصطخر فزحفوا إليه يجور فهزمهم وأثخن فيهم وفتح جور واصطخر ووضع عليهم الجزية وأجابه الهربذ إليها وكان ناس منهم فروا فتراجعوا إليها وبعث بالفتح والخمس إلى عمر ثم فتح كازرون والنوبندجان وغلب على أرضها ولحق به أبو موسى فافتتحا مدينة شيراز وأرجان على الجزية والخراج وقصد عثمان جنابة ففتحها ولقي الفرس بناحية جهرم فهزمهم وفتحها ثم نقض شهرك في أول خلافة عثمان فبعث عثمان بن أبي العاص ابنه وأخاه الحكم وأتته الأمداد من البصرة وعليه عبيد الله بن معمر وشبل بن معبد والتقوا بأرض فارس فانهزم شهرك وقتله الحكم بن أبي العاصي وقيل سوار بن همام العبدي وقيل إن ابن شهرك حمل على سوار فقتله ويقال إن اصطخر كانت سنة ثمان وعشرين وقيل تسع وعشرين وقيل إن عثمان بن أبي العاص أرسل أخاه الحكم من البحرين إلى فارس في ألفين فسار إلى توج وعلى مجنبته الجارود وأبو صفرة والد المهلب وكان كسرى أرسل شهرك في الجنود إلى لقائهم فالتقوا بتوج وهزمهم إلى سابور وقتل شهرك وحاصروا مدينة سابور حتى صالح عليها ملكها واستعانوا به على قتال اصطخر ثم مات عمر رضي الله عنه وبعث عثمان بن عفان عبيد الله بن معمر مكان عثمان بن أبي العاص وأقام محاصرا اصطخر وأراد ملك سابور الغدر به ثم أحضر وأصابت عبيد الله حجارة منجنيق فمات بها ثم فتحوا المدينة فقتلوا بها بشرا كثيرا منهم.
بساودر ايجرد: وقصد سارية بن زنيم الكناني من أمراء الانسياح مدينة بسا ودار ايجرد فحاصرهم ثم استجاشوا بأكراد فارس واقتتلوا بصحراء وقام عمر على المنبر ونادي يا سارية الجبل يشير إلى جبل كان ازاءه أن يسند إليه فسمع ذلك سارية ولجأ إليه ثم انهزم المشركون وأصاب المسلمون مغانمهم وكان فيها سفط جوهر فاستوهبه سارية من الناس وبعث به مع الفتح إلى عمر ولما قدم به الرسول سأله عمر فأخبره عن كل شيء ودفع إليه السفط فأبى إلا أن يقسم على الجند فرجع به وقسمه سارية.
كرمان: وقصد سهيل بن عدي من أمراء الانسياح كرمان ولحث به عبد الله بن عبد الله بن عتبان وحشد أهل كرمان واستعانوا بالقفص وقاتلوا المسلمين في أدنى أرضهم فهزموهم بإذن الله وأخذ المسلمون عليهم الطريق بل الطرق ودخل النسير بن عمرو العجلي إلى جيرفت وقتل في طريقه مرزبان كرمان وعبد الله بن عبد الله مفازة شيرزاد وأصابوا ما أرادوا من إبل وشاء وقيل إن الذي فتح كرمان عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي ثم أتى الطبسين من كرمان ثم قدم على عمر وقال: أقطعني الطبسين فأراد أن يفعل فقال إنها رستاقان فامتنع.
سجستان: وقصد عاصم بن عمرو من الأمراء سجستان ولحق به عبد الله بن عمير وقاتلوا أهل سجستان في أدنى أرضهم فهزموهم وحصروهم بزرنج ومخروا أرض سجستان ثم طلبوا الصلح على مدينتهم وأرضها على أن الفدافد حمى وبقي أهل سجستان على الخراج وكانت أعظم من خراسان وأبعد فروجا يقاتلون القندهار والترك وأمما أخرى فلما كان زمن معاوية هرب الشاه من أخيه نبيل ملك الترك إلى بلد من سجستان يدعى آمل وكان على سجستان سلم بن زياد بن أبي سفيان فعقد له وأنزله آمل وكتب إلى معاوية بذلك فأقره بغير نكير وقال: إن هؤلاء قوم غدر وأهون ما يجيء منهم إذا وقع اضطراب أن يغلبوا على بلاد آمل بأسرها فكان كذلك وكفر الشاه بعد معاوية وغلب على بلاد آمل واعتصم منه زنبيل بمكانه وطمع هو في زرنج فحاصرها حتى جاءت الأمداد من البصرة فأجفلوا عنها.
مكران: وقصد الحكم بن عمرو التغلبي من أمراء الانسياح بلد مكران ولحق به شهاب بن المخارق وجاء سهيل بن عدي وعبد الله بن عبد الله بن عتبان وانتهوا جميعا إلى دوين وأهل مكران على شاطية وقد أمدهم أهل السند بجيش كثيف ولقيهم المسلمون فهزموهم وأثخنوا فيهم بالقتل واتبعوهم أياما حتى انتهوا إلى النهر ورجعوا إلى مكران فأقاموا بها وبعثوا إلى عمر بالفتح والأخماس مع صحار العبدي وسأله عمر عن البلاد فأثنى عليها سرا فقال: والله لا يغزوها جيش لي أبدا وكتب إلى سهيل والحكم أن لا يجوز مكران أحد من جنودكما.